التشوهات الخلقية وجراحة الاجنة

يعدّ الحمل رحلة مثيرة وهادئة للمرأة، إلا أن بعض المضاعفات يمكن أن تظهر خلال هذه الفترة وقد تؤثر على صحة المرأة أو الجنين، او حتى الاثنين معاً في الوقت عينه.

شدد د. جهاد شالوحي، المتخصص في طب وجراحة الجنين، وفي الفحص والتصوير بالموجات فوق الصوتية للاجنة، في مستشفى جبل لبنان، على أهمية التشخيص المبكر لاكتشاف الاضطرابات الوراثية ومعالجة امراض ما قبل الولادة. ويشرح أيضاً التقنيتين الجديدتين في مجال معالجة وجراحة الجنين في الرحم المطبقتين في مستشفى جبل لبنان، بعد النجاح الذي حققته المحاولة الاولى على الصعيد الوطني لعلاج فتق الحجاب الخلقي.

https://www.youtube.com/watch?v=YhwPIvCTsz8

كيف يمكن تشخيص الاضطرابات الوراثية؟

تساعد بعض الاجراءات الجراحية التشخيصية التي يتم اجراؤها خلال الحمل، على تحديد مجموع الكروموسومات لدى الجنين وتشخيص التشوهات الكروموسومية. تعتبر هذه الاجراءات ضرورية للأهل الذين يظهرون نسبة مرتفعة من خطر التعرض لتغيرات وراثية أو انتقال صبغي أو مصابون بها، ويمكن توضيح هذه الحالة من خلال تشخيص حالة مسبقة لاضطراب وراثي يعاني منه أحد الإخوة.  

من أبرز الفحوصات الشائعة هو فحص الزغابات المشيمية وفحص بزل السائل الأمنيوسي:

– فحص الزغابات المشيمية (CVS)

غالباً ما يتم اجراء هذا الفحص في الفترة الممتدة بين الاسبوع الـ11 و14 من الحمل، من خلال أخذ خزعة من نسيج المشيمة. يسمح هذا الفحص بالتشخيص المبكر للتشوهات الكروموسومية والاضطرابات الوراثية.

– فحص بزل السائل الامنيوسي (AFT)

يتم اجراء هذا الفحص في الاسبوع الـ16 من الحمل من خلال جمع عينة من السائل الامنيوسي الذي يحتوي على الحمض النووي للجنين. يتيح هذا الفحص الفرصة للكشف على الحمض النووي للجنين واكتشاف اي تشوهات وراثية أو كروموسومية؛ بالاضافة الى بعض حالات الالتهابات الجنينية.

ما هي معالجة وجراحة الطفل في الرحم؟

يعتبر علاج وجراحة الطفل في الرحم جزءاً من طب الأم والجنين الذي يسمح بمعالجة بعض التشوهات الخلقية التي قد تهدد حياة الطفل في الرحم، وهو يشمل:

– فتق الحجاب الخلقي

– فقر الدم الجنيني

– متلازمة نقل الدم الجنيني (TTTS)

– توأم ذو تروية شريانية عكسية

– انسداد المسالك البولية السفلى

– متلازمة الاختناق بشريط أمنيوسي

– أكياس على مبيض الجنين

– الكيسة العنكبوتية

– تشقق العمود الفقري أو السنسنة المشقوقة

– بعض أمراض القلب الخلقية

ما هي أحدث التدخلات الطبية الجنينية التي تم اجراؤها جراحة الجنين في مستشفى جبل لبنان؟

– فقر الدم الجنيني ونقل كريات الدم للجنين Fetal Anemia

ينتج فقر الدم الجنيني عن عدم تطابق في بروتين العامل الريسوسي (Rh) في زمرات الدم بين الام والجنين (فئة دم الام بعامل ريسوسي سلبي وفئة دم الطفل بعامل ريسوسي ايجابي). في هذه الحالة، تهاجم الأجسام المضادة لدى الام خلايا الدم الحمراء عند الطفل في المشيمة، خلايا بروتين العامل الريسوسي الايجابية. يخفف فقر الدم الجنيني قدرة الدم على نقل الاوكسيجين الى اعضاء الطفل وانسجته. وتبعاً لحدة فقر الدم، يمكن أن يشكل خطراً على حياة الجنين خلال الحمل وبعد الولادة.

عند التشخيص المبكر، يعمل إختصاصي جراحة الجنين في الرحم على نقل كريات الدم الحمراء (فئة الدم O سلبي) الى دم الطفل عبر رحم الأم. قد يحتاج الجنين الى أكثر من عملية نقل للدم خلال الحمل، تبعاً على فترة ظهور فقر الدم.

للوقاية من فقر الدم الجنيني، يجب ان تخضع المرأة الحامل ذات فئة الدم بعامل ريسوسي سلبي لحقن وقائية من الأجسام المضادة خلال فترة الحمل والولادة (وفي حالات الاجهاض).

خلال الحمل، يجب على المرأة ذات فئة الدم بعامل ريسوسي سلبي أن تخضع بشكل دوري لاختبار ومبس لاكتشاف الاجسام المضادة ضد العامل الريسوسي لدى الجنين، للتمكن من تحديد خطر الاصابة بفقر الدم الجنيني.  في حال كانت نتيجة الاختبار ايجابية، يجب متابعة هؤلاء النساء عن كثب لتشخيص فقر الدم الجنيني فور ظهوره ومعالجته في الوقت المناسب.

– متلازمة نقل الدم الجنيني (TTTS)

تحدث متلازمة نقل الدم الجنيني في حال الحمل بتوائم أحادية المشيمة (التوائم المتطابقة)، حيث يتشارك التوأم المشيمة عينها ولكن لكل منهما كيس سلويّ مختلف. في هذه الحال، ينقل التوأم الواهب، ينقل نسبة مهمة من الدم الى التوأم الآخر، الذي يعرف على أنه المتلقي. يشكو التوأم الواهب من نقص في كثافة الدم مقارنة بشقيقه التوأم المتلقي، ما يسببه ضعفاً في التبول، المكون الاساسي للسائل الامنيوسي. في حين أن التوأم المتلقي سيحصل على فائض من الدم، ما يؤدي الى زيادة في التبول، التي تسبب فشلاً في القلب.

حين تصاب التوائم بمتلازمة نقل الدم الجنيني، تؤدي الحالة الى الوفاة بنسبة 90% من الحالات في حال لم تتم معالجتها. ولكن اختصاصي طب الاجنة في الرحم قادر على فصل الشرايين المشتركة بين التوام في المشيمة، بفضل تقنية تنظير الجنين بالليزر، لوقف عملية النقل غير السليمة بينهما.

بفضل تخثر الدم في الشرايين مع تنظير الجنين، تبلغ نسبة بقاء أحد التوأمين على قيد الحياة 80%، ونسبة بقاء التوأمين معاً على قيد الحياة 50%.

لذا من الضروري أن تخضع النساء الحوامل بتوأم أحادي المشيمة للمراقبة الطبية عن كثب، من قبل الاختصاصي، واجراء الفحص بالموجات الصوتية كل أسبوعين، بما أن متلازمة نقل الدم الجنيني يمكن أن تصيب 20% من حالات الحمل بتوائم أحادية المشيمة (حالة واحدة من بين كل 5 حالات).

هل يمكن الوقاية من التشوهات الخلقية؟

أثبتت بعض الاجراءات الوقائية فعاليتها في تخفيف خطر الاصابة بالامراض الخلقية وتجنبها.  

كما برهنت النتائج أن اتباع علاج حمض الفوليك قبل شهر على الاقل من الحمل، يخفف من خطر تشوّهات الأنبوب العصبي (التشوهات الخلقية للجهاز العصبي). المعدل اليومي لحمض الفوليك: 400 مكغ.

يعتبر التصوير بالموجات فو الصوتية ضرورية خلال الحمل. يساعد هذا التصوير على التشخيص المبكر لمجموعة كبيرة من التشوهات الخلقية، ومعالجتها في الرحم، ويوفر نمواً سليماً للجنين، ما يؤدي في النهاية الى ولادة طفل سليم صحياً.

Leave a reply